مع تنامي المهام التي يقوم بها موظفي مؤسستك، ومع زيادة عدد الموظفين المتعاملين مع نفس المهام، ستحتاج إلى نموذج دليل إجراءات العمل التشغيلية، حتى لا ينشأ اختلاف شاسع في الطريقة والكفاءة والوقت المستغرق الذي تُؤدى به مهمة معينة، فإن كان الموظف (س) مطلوب منه كتابة تقرير معين دون أية توضيحات، والموظف (ص) مطلوب منه نفس التقرير، فهل تتخيل أن الشخصين سيؤديان المهمة بنفس الطريقة؟ أو هل تتخيل أن لو حصلت مصادفة واتفقت طريقتهما أن تكون هذه الطريقة هي التي ترجو أن يُرسل لك تقرير عمل بها ؟
من هنا أتت ضرورة كتابة إجراءات العمل، لكل مهمة يقوم بها موظفيك.
ما هو دليل إجراءات العمل التشغيلية؟
يعرف دليل إجراءات العمل التشغيلية بخطوات واضحة تخبر من خلالها كل موظف كيفية القيام بمهامه، وتعد بمثابة تحويل عملي وتطبيقي للخطة التنفيذية، فإن كانت خطتك التنفيذية عبارة عن أهداف تقول لك ما هي أهداف المؤسسة خلال عام؛ فالإجراءات التشغيلية هي الكيفية التي تنفذ بها كل مهمة، أي أن المستوى التشغيلي يعتبر الأكثر تفصيلًا وتنفيذية.
اشترك الأن في برنامج دفترة
لإدارة الشركات الصغيرة والمتوسطة
ما خطوات كتابة دليل إجراءات العمل التشغيلية؟
- ليس الشخص الأعلى سلطة أو الأكثر علمًا في المطلق هو الذي يعرف كيفية القيام بمهمة تتعلق بآلة في مصنعك، ولكن العامل البسيط الذي يقف على الآلة منذ 10 سنوات هو الذي يستطيع أن يخبرك ما أسرع طريقة للقيام بخطوة معينة، لذلك اسأل كل الموظفين لديك عن الطريقة التي يقومون بها بمهامهم، وقم بتسجيل الطرق إن كانت مختلفة أو متشابهة، ثم اسأل مديريهم، واسال أشخاص ذوي كفاءة وخبرة بهذه المهمة في أماكن مختلفة، حتى يتجمع لديك ما تظنه إجمالي الطرق التي من الممكن أن تُنفذ بها كل مهمة.
- تعرف على السياسات الدولية واللوائح التي تحث على أفضل الطرق للقيام بمهام مصنعك، فمثلًا شهادة الأيزو لها معايير ومواصفات من ضمنها أن تتم مهام الشركة أو المصنع بشكل معين يتبع إجراءات السلامة والصحة، وتنتج عنه جودة لا يتم القبول بأقل منها إن أردت الحصول على شهادة الأيزو، وكذلك منظمة الصحة والدواء لها تعليماتها إن كنت مصنع أدوية أو تعمل في القطاع الطبي، قس على ذلك المواصفات الإجرائية لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وما يشابهها من منظمات موثوقة في مجال عملك.
- إما أن تقرر أن تأتي بمن لهم خبرة في كتابة الخطط والإجراءات التشغيلية من خارج منظمتك للقيام بالأمر، وهنا ستضمن موضوعية أعلى، وعدم تحيز لعادات المنظمة والطريقة التي تم الاعتياد على تنفيذ المهام بها، إما أن تقوم بالمهمة بنفسك.
- تتبع كفاءة كل طريقة قمت بجمعها، تتبع الأمر على أكثر من موظف، وقارن الكفاءة والإنتاجية وسرعة إنجاز العمل في الحالتين، وبعد اختبار الطريقة على عينة تكفي، ستكون لديك النتائج التي تفاضل من خلالها أي طريقة هي الأفضل لتعتمدها وتحللها لخطوات إجرائية؟
- اكتب كل خطوة بالتفصيل، ابدأ بمسمى الإجراء، ومن الذي سيقوم به من الموظفين؟ مع ذكر أدوارهم الوظيفية، والوقت المتوقع لإنهاء المهمة، واكتب بطريقة بسيطة غير معقدة، ولا تنس أن تختار الطريقة المثلى لك لكتابة خطوات الإجراء:
- فقد تكون على شكل خطوات مرقمة متسلسلة
- أو على شكل خريطة ذهنية أو مخطط أو جدول
- أو في شكل قائمة مهام يقوم الموظف بالتعليم بعلامة ☑️ مقابل كل خطوة يقوم بإنهائها.
- قم بعرض خطوات دليل إجراءات العمل التشغيلية على مديري القطاعات ومسئولي الخطة التنفيذية والموظفين واسألهم إن كانت متطابقة مع أهداف الشركة، وواقعية بما يكفي لتنفيذها، ثم اعرضها على مسئولي الخطة الاستراتيجية وتأكد أن الإجراءات تتوافق مع رؤية الشركة بعيدة المدى ولا تخالف قيم المؤسسة، وفي حالة موافقة الجميع اعتمد دليل الإجراءات.
- بعد الانتهاء سيكون أمامك طريقين: إما طباعة الإجراءات بشكل ورقي وجعلها في متناول الموظفين إما أن تستخدم أحد تطبيقات إدارة مهام الفريق وتقوم بجعل خطة الإجراءات التشغيلية ضمن الجزء الظاهر للجميع، مع مراعاة توزيع المهام بشكل يضمن تحقيق التتابع الإجرائي المتفق عليه.
- اشرح لكل موظف الأسس التي تم إتباع هذا الإجراء التشغيلي على أساسه، فقد يظن أحدهم أنك بذلك تقتل الإبداع ولا تعطي لهم فرصة للتفكير، تأكد من إقناعهم أن هذه الطريق للتيسير عليهم لا لكبح جموح إبداعاتهم.
- راجع دليل إجراءات العمل التشغيلية لديك وحدثه، واجعله مرنًا بحيث لا يتحول المناخ العام للشركة كأن الموظفين روبوتات يقومون بتكرار مهام آلية بلا تميز أو تفكير، أنت تحاول تنظيم العمل ولكن في المقابل حافظ على عدم منع الموظفين من الإبداع والتطوير.
اشترك الأن في برنامج دفترة
لإدارة الشركات الصغيرة والمتوسطة
ما أهمية كتابة دليل الخطوات التشغيلية؟
- تعلم أن الصورة الذهنية للشركة أو مفهوم الBranding يعني أن تكون لشركتك شخصية وهُوية واضحة، فما إن يرى العميل منتجاتك أو يتعامل مع أحد موظفيك أو يرى وثيقة تخص الشركة، يتذكر نمط معين يخص شركتك، وهذا يحتم عدم فتح المجال لإعلاء البصمات الشخصية بشكل يجعل العمل غير متناغم، أنت تريد أن تتم كل المكالمات الصادرة لعملائك من الشركة بنفس الكفاءة والطريقة، ولن يتم هذا الأمر إن تم إتباع 1000 طريقة مختلفة للقيام بكل مهمة يتم تكليف الموظفين بها.
- الكثير من الأخطاء يمكن أن يتم تلافيه إن كان لديك علم أنها علامة خطر ويجب الابتعاد عنها، يجب مراكمة خبرات الشركة ونقلها لجميع الأفراد، لا أن يتم تكرار نفس الأخطاء، وقيام كل موظف بالبدء من الصفر.
- دمج الموظفين الجدد في شركتك بسهولة، وسرعة تعلمهم لمهامهم، وسهولة التفويض في حالة استقالة أحد الموظفين أو ترقيته.
- إتباع مواصفات الجودة العالمية والتأكد من تحقيق إجراءات السلامة المهنية، بل وسترفع من التوافق مع ذوق عملائك ما دمت تأكدت أن الإجراءات تأخذ بعين الاعتبار ما يطلبونه منك.
- رفع الإنتاجية ومتابعة وتقييم أداء الموظفين، فكما لا تستطيع أن تعاقب طفلًا لم توضح له لماذا تعتبر فعلته خطأ بشكل مسبق، لن تستطيع محاسبة الموظف دون أن توضح له إطار العمل وطريقته والوقت اللازم لإنجازه، لربما سلك طريقًا آخر أحتاج منه وقتًا أكثر!
- سهولة المحافظة على أداء الموظفين مع الوقت، في البداية أنت تعلم الموظف مهامه ثم تتركه، فما الضامن لتذكره كافة التفاصيل إن لم تكن هناك وثيقة مكتوبة يمكنه الرجوع لها مع الوقت.
- سهولة رفع التقارير اليومية بالصورة التي تريدها، مضمنة المهام التي تمت والطريقة التي تمت بها، والوقت المستغرق، مما يترتب عليه سهولة التقييم.
- التقليل من الضغط النفسي والذهني الواقع على الموظف، تخيل أن يفكر كل يوم في الطريقة التي عليه اتباعها لتنفيذ المهمة قبل أن يبدأ فيها؟ أليس أسهل أن يكون كل ما عليه البدء في إجراءات العمل مباشرة.
في النهاية حاول الموازنة بين المرونة والإبداع وترك الموظفين على حريتهم في التطوير وإضافة الأفكار واللمسات الشخصية وبين التنظيم والتأكد من رفع كفاءة العمل وإنتاجيته.