نموذج رسالة الترحيب بمتدرب ليس أمر شائع الحدوث في كل الدورات التدريبية التي تعقدها الشركات، ولكنه بات الآن من العناصر التي تضفي لمسة ودودة وانطباع جيد لدى المتدرب، يحفزه على أن يقدم أفضل ما لديه ليكون جديرًا بالثقة التي وضعتها الشركة فيه، ويحسن ألا يكون هناك نموذج رسالة ترحيب بمتدرب موحدة، بل أن تكون هناك عدة نماذج تم طبعها بصورة شخصية موجهة لكل متدرب، كأن تذكر الشركة السبب الذي قبلت المتدرب على أساسه، وأن توضح له نقاط القوى التي لمستها فيه ونقاط الضعف التي سيعمل التدريب على الحد منها وتقويمها.
يحتاج نموذج رسالة الترحيب بمتدرب ثلاث جهات بشكل أساسي:
1- المدرب الفردي: وهو الشخص الخبير في مجال معين، والقادر على إيصال المعلومة لغيره بشكل سهل تفاعلي، يساعد من يريد الوصول بمهاراته لمستوى أعلى على تحقيق مبتغاه، مما يوفر عليه سنوات التعلم المشتتة، التي ينقصها التوجيه من شخص أكثر علمًا.
2- شركات التدريب: وهي نوعية من الشركات، ما تقدمه بشكل أساسي، خدمات تدريبية للراغبين في دخول مجال علمي أو مهني معين، لا خبرات لهم فيها، وقد تتعاقد هذه الشركات مع مدربين أكفاء في كل مجال، أو أن تعقد شراكات مع مؤسسات تسمح لمتدربيها أن يحتكوا بالواقع العملي لديهم، وبذا لا تكون الخبرة المكتسبة بعيدة عن الواقع، و في حالات أخرى تركز شركات التدريب على مجالات معينة، وتهيئ طاقم لديها يستطيع تغطية هذه المجالات دون تقصير وبشكل مهني، يجنبها الاحتياج لمساهمات خارجية.
3- الشركات والمصانع ذات مجالات العمل المختلف: وهي شركات تبرع في قطاع معين مهما كان هذا القطاع، ولديها موظفيها، وهيكلها القائم، ولكن تقدم تدريبًا لغير ذوي الخبرة كل فترة، بغرض المساعدة ومن باب المسؤولية المجتمعية، وقد توفر الشركة مستقطعات الضرائب نتيجة لتوفير هذه التدريبات، ويحدث أيضًا أن تعتمد شركة فكرة التدريب للبحث عن المواهب بعد اختبارهم بشكل فعلي، وتعيّن ممن برزوا في التدريب الأفضل كموظفين دائمين. وهذه الحالة تعد الأكثر احتياجًا لنموذج رسالة ترحيب للمتدربين خاصة إن كانت التدريبات تتم بشكل فردي.
قبل مرحلة اللجوء لتدريب، غالبًا ما يكون المتدرب اطلع على مجريات الأمور في المجال، ولديه خبرة بشكل ما ولكنها غير كافية وغير ممنهجة، بل من الممكن أن يكون المتدرب درس المجال نفسه في كليته وحصل على شهادة عالية ولديه معرفة أكاديمية لا بأس بها، ومع ذلك تبقى عدم ممارسته الفعلية عائقًا بينه وبين الحصول على وظيفة في هذا المجال. من هنا يظهر أن ما يحتاج إليه المتدرب بحق هو الوصول لمرحلة "الإتقان" وتوافر "مرشد أو معلم" وأن تكون تجربة التعلم "محاكاة" لما يحدث في بيئة العمل بالفعل.
(1) الإتقان:
يقصد بالإتقان أن تبلغ المهارة بالممارسة حد السهولة وحسن التنفيذ، فلا يكون المتدرب حديث العهد بمسؤولياته، غير عارف أقصر الطرق لتحقيقها، ولا يعاني لفهم طبيعة المهام التي يتعرض لها. وبعد الإتقان تأتي مرحلة الإبداع والإتيان بجديد، والوصول لطريقة خاصة به وإضافة بصماته الخاصة، وهذا ما يجب أن تبحث عنه عند إقامتك أي تدريب، أن تصل بالمتدرب لمرحلة الإتقان، ومن ثَم الإبداع، اجعل المرحلة التي سيصل لها من يتدرب لديك أمرًا واضحًا، مُبرَز في نموذج رسالة الترحيب بالمتدرب وبارزة حتى في الإعلان عن تدريبك ومحتوياته.
(2) المرشد:
لا يصح اعتبار المتعلم مستوثقًا من علمه وخبرته إن لم يكن له معلمًا مرشدًا أمينًا، يعينه على الوصول ويمهد له السبل، ويبيّن له مواضع الزلل، ويوضح له مكامن التميز. ربما ابتدأ الأمر في الحضارة الإسلامية باحتياج السالك على طريق العلم الشرعي والهدى إلى شيخ مربي، يقرأ عليه أوراده، وينثر عليه المتون، وربما بدأ بالتاريخ الطويل للحرف اليدوية والمهن في عهد الإغريق، والتي لم يكن هناك سبيلًا لاكتسابها سوى ملاحظة من يتقنها، حتى تتعلم منه صنعته، فانتشرت المنحوتات العظيمة شديدة الإبهار بشكل يمتد من عصرهم إلى عصرنا، وربما أشارت العصور الحديثة لضرورة احتياج الإنسان لمن سبقه على الطريق للاستفادة من الخبرات المتراكمة للبشر على مدى عصور والبعد عن تكرار نفس الأخطاء! كطريقة ينقذ بها الفرد عمره القصير، ومن هنا تبلورت صيحة ال Life coach للتوجيه الشخصي وال Mentors للتوجيه المهني. لذلك عزيزي القائم على التدريب، لا تبخل بأن تكون نورًا لمن يرجو هداية، وأبذل جهدك لكي يخرج هذا الشخص ملمًا بكافة جوانب الحقل الذي يتدرب فيه، وأجعلها خالصة لفائدته، وستجد الأمر يصب لصالح هدفك الشخصي وما ترجوه.
(3) محاكاة بيئة العمل:
مهما أنفقت في تقديم محتوى جيد، و ألممت بكل النقاط التي وجدتها نافعة، لا فرار من احتياج المتدرب للتطبيق لكي يقف في نفس موقف العمل، وأن تقدم له محاكاة حقيقية لما يتم من مهام في بيئة العمل، ولا تكتفي بفتات المسئوليات على أساس كونه متدرب! عامله كمسئول حقيقي وأكفل له حق الخطأ وسعة التجربة لكي يتعلم.
اقرا ايضا: خطاب طلب توظيف يقدم للشركات
في حين أن هناك عدد كبير من فرص التدريب أصبح متاحًا، تجد أن نسبة رضا المتدربين عن ما وصلوا له بعد التدريب مقابلة بتوقعاتهم، نسبة مخيبة للآمال. ولن تشفع لك رسالة ترحيب رائعة للمتدربين بثثت فيها بنبرة مبتهجة عدد الفوائد التي سيحصلون عليها، ولا نموذج الشخص الذي تدرب لديك وحصل على وظيفة أحلامه، ما لم يجدوا نتيجة فعلية يستشعرونها بعد انتهائهم من الفترة المقررة لتدريبهم.
1) لا تحاول أن تتعامل مع المتدرب لديك كموظف، تحمله الأعباء التي لا يستطيع فريقك القيام بها، هدف المتدرب أن يتعلم، وأي محاولة أخرى لاستبدال عملية التدريب بعملية الحصول على جهده دون مقابل تعد استغلال له، يضر بسمعتك ويضيع وقته.
2) لا تضعه في مساحة آمنة ومسئوليات محدودة، ولكن أسمح له بالتعرف على أقسام الشركة المختلفة، ودور كل قسم، وساعده على اكتشاف مهاراته، لربما متدرب في مجال معين، يبرع في مجال آخر، لم يكن يعلم أنه موجود من الأساس.
3) لا تحاول أن تهول من الأخطاء التي يرتكبها، وطمأنه إلى اعتياد الخطأ في المراحل الأولية من ممارسة أي مهنة، فلو كان هناك طبيبًا بارعًا في المعرفة النظرية وأول دفعته، ولم يمارس الطب ولا أجرى عملية جراحية بمفرده من قبل، لن تحل معرفته محل الممارسة الفعلية العملية.
4) راقب شخصيات المتدربين، وحاول أن تجعل طبيعة بيئة العمل مريحة لسمات كل فرد، ولا تجبر الجميع على السير بنفس النهج أملًا في حصاد نفس النتائج.
5) لا تجعل عملية التدريب جامدة رسمية، بل أمزجها باللعب والمرح، لكي تتكون خبرة لها أثر طيب في نفوسهم، بدلًا من الإحساس بصعوبة المجال وصعوبة الحياة العملية، مما يصدهم عن إطلاق قدراتهم.